كان نائماً في ليلة من ليالي الشتاء الباردة , من بعد نصب وتعب من مشاغل
الدنيا ما أكثرها. وقد استلقى على فراشه , وغرق في نوم عميق جداً ,
فاستيقظ
قبل الفجر من عطش شديد ألم به ,فقام ليشرب الماء فسمع أنيناً يخرج من
الأرض ,
تلفت حوله..فذهب الأنين , ثم ذهب وشرب الماء ثم عاد إلى الفراش , وإذ
بالأنين
يعود مرة أخرى وفي هذه المرة كان الأنين قوياً وكأنه صوت بكاء
فتحسس الأرض بيديه , حتى أمسك ( سجادته ) فسكتت. قال لها متعجباً:
أأنت التي تأنين يا سجادتي ؟! قالت: نعم. قلت: ولماذا. قالت: لقد
أيقظك عطشك , وشربت من الماء حتى ارتويت , وأنا بحاجة إلى الماء و
انالا أجد
من يرويني الماء !! قال وهل تريدين أن أحضر لك كأساً من الماء ؟ قالت:
لا
ليس هذا هو الماء الذي يرويني , إنما يرويني دموع العابدين التائبين.
قال: ومن
أين لي أن آتي لك بهذا النوع من الماء
قالت: ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لن يلج النار أحد
صلى
قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)) ـ يعني الفجر والعصر
وقال عليه وآله الصلاة والسلام ((من صلى البردين دخل الجنة))0"
وقال: "(( بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم
القيامة))0
وقال أيضاً: " ((ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء
ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبو))0
فانتبه عبدالله من غفلته وقال: فعلاً إن صلاة الفجر مهمة.
فقالت السجادة:إذاّ.. قم يا عبدالله قم.
قال: غداً أبدا إن شاء الله .. ولكن اتركيني اليوم لأنام فإنني مرهق.
السجادة: وهي متحسرة من لم يعرف ثواب الأعمال ثقلت عليه في جميع الأحوال
ثم
قالت: ستنام غداً في قبرك كثيراً يا عبدالله وستذكر كلامي ونصحي
ثم تركته السجادة , ونام عبدالله , ولكن ! كانت أطول نومة
فأنشدت السجادة حين علمت بوفاته قائلة:
يامن يـــعد غـداً لتـوبـتـــه *** أعلى يقين من بلوغ غد
ولا تنسونا من الدعاء الطيب
__________________